يشتكى روّاد مقاهي الأنترنت في تونس من "صعوبات بالغة" تواجههم أثناء تصفح الشبكة العالمية بسبب مشاكل تتعلّق بالضعف الفني محليا و أخرى تتعلق بـ"الرقابة الأمنية" وتقييدها الشديد لحرية إستخدام الموطنين للانترنت بالمقاهي المخصصة بهدف منع دخول المواقع الإعلامية و السياسية "غيرالمرغوب فيها" من قبل الحكومة، على حد وصف مواطنين تونسيين تحدثوا لـ"العربية.نت".ووصف روّاد مقاهي الأنترنت في مدينة صفاقس العاصمة الاقتصادية لتونس ( 270 كلم جنوب العاصمة) الرقابة البوليسية لمقاهي الأنترنت بأنها "مباشرة وعلنية"، بينما إنتقد مواطنون من العاصمة ما وصفوه بـ"تدخل السلطات بصورة غير قانونية لإضعاف الشبكة وتعطيلها" بغرض ما وصفوه بـ"إراحة نفسها من دخول المستعملين إلى المواقع المنتقدة لها بالخارج ومراسلتها".وقال لمجد بن حمدة من صفاقس لـ"العربية.نت" إن ما يميّز مقاهي الأنترنت في صفاقس عن مقاهي العاصمة أن المشرفين عليها "يشترطون على المستعمل تسليمهم بطاقة الهوية وأخذ بياناتها لإطلاع مصالح أمن الدولة عليها حتى إذا ما تبيّن أنه من المسجّلين لديها بأنه من المعارضين يتم منعه بالقوّة من دخول المقهى لاحقا". ووصف هذا التصرف بـ"غيرالقانوني لأنّه يشكّل إعتداء على حرية و سرية التراسل وحق الإعلام المكفول في الدستور" على حد قوله.
طرد بالقوة!
وإشتكى مواطن آخر من صفاقس رفض كشف إسمه لـ"العربية.نت" من رقابة أصحاب مقاهي الانترنت للمستخدمين وهم بصدد الاشتغال على أجهزة الكمبيوتر حيث يقومون "بالإطلاع صراحة على ما يفعله كلّ مستخدم ويطردونه بالقوة في حال إطلاعه أو إرساله لمعلومات ناقدة للحكومة" حسب قوله .وإتهم الدوائر الأمنية المحلية بأنها تقف وراء "تسلط أصحاب المقاهي على المستخدمين". وقال إن عدم تعرضهم لأية مساءلة من طرف الأجهزة الأمنية هو دليل على أنها توفر لهم الحماية.وتابع "إن أعوان الأمن بالزي المدني كثيرا ما يراقبون أشخاص معينون و يأمرون أصحاب المقاهي باخراجهم بالقوة إذا ما حضروا. وأكد أنه حضر واقعة من هذا القبيل. و نفت المواطنة مروى الفريادي (موظفة) من العاصمة وجود رقابة أمنية مباشرة على مقاهي الأنترنت مثلما هو الحال بصفاقس، لكنها أكدت وجود "تقييد غير مباشر" لحرية استخدام مقاهي الأنترنت ذاكرة أن "السلطات تقوم بقطع النفاذ مباشرة من مقر المزود المركزي للشبكة" في حالة نفاذ أي مستعمل إلى "أي موقع إعلامي ينشر معلومات لا ترغب فيها الحكومة و كذلك مواقع المعارضة" على حد قولها.
مواقع محجوبة
وكان مسؤولون تونسيون في السابق قد نفوا حجب السلطات لمواقع إلكترونية باستثناء المواقع الإباحية أوالإرهابية، لكن فيصل الداماسي (مدرس) فند هذه التصريحات ذاكرا أن "السلطات تقطع تماما عن الشبكة بمقاهي الأنترنت أو بالبيوت أو المكاتب، مواقع إعلامية محايدة فضلا عن مواقع الأحزاب المعارضة"، متهما إياها بأنها "لا تحجب المواقع الإباحية". وإنتقد المواطن نبيل الونيفي ما وصفه بـ"الحالة التقنية المزرية" للشبكة التونسية للأنترنت. وقال إن الإتصال ضعيف للغاية وبطيء إلى درجة "لا تطاق". و طالب السلطات بأن تفرض "رقابة تحمي حقوق مستعملي الانترنت عوض رقابة تنتهك هذه الحقوق" على حد قوله، مشيرا إلى أنها تصمت على الضعف الفني الكبيرلأجهزة الكمبيوتر في مقاهي الانترنت، وهي لا تطابق المواصفات بحسبه، مما يساهم في بطء الاتصال الذي يسعى إليه بعض أصحاب المقاهي لضمان المال الأوفر.وإنتقد علي الفرجاني ( تقني) من جهته ما وصفه بـ"قلة عدد مقاهي الأنترنت بالعاصمة" واصفا العدد الحالي بأنه "أقل بكثير من الطلب".وكانت منظمة "هيومان رايتس ووتش" ومجمع المنظمات "إيفيكس" ومنظمة "مراسلون بلا حدود" والفيدرالية العالمية لحقوق الإنسان والإتحاد الدولي للصحافيين قد إنتقدت ما وصفته بـ"منع السلطات التونسية لحرية النفاذ إلى الأنترنت بالبلد" في تقاريرها الخاصة بعام 2005. ووجهت وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها الصادر منذ أسبوعين تقريبا عن أوضاع حقوق الإنسان انتقادات مماثلة لتونس، مشيرة إلى "إنتهاك حق الإنسان بالنفاذ الحرّ إلى شبكة المعلومات".وعلى رأس قائمة المواقع الإعلامية المحجوبة تماما في تونس، موقع "العربية نت" ، كما تحجب تونس مواقع عدد من الصحف الفرنسية وكذلك موقع الإتحاد الدولي للصحافيين و"مراسلون بلا حدود" و الشبكة العربية لحقوق الإنسان وعددا من مواقع المعارضة التونسية.
(سلطان الغرام).